تمكّنت طالبتان من جامعة بوليتكنك فلسطين من ابتكار "نظام ذكي لإدارة عملية جمع النفايات بالاعتماد على تقنية انترنت الأشياء"Distributed IoT-based Smart Waste Management System"، والقائمات على المشروع من كلية تكنولوجيا المعلومات وهندسة الحاسوب تخصص هندسة أنظمة حاسوب هما الطالبتان سالي رائد مناصرة، وأسيل إياد اخليل، وأشرف على المشروع الدكتورة أمل دويك، ويأتي المشروع ضمن مُتطلبات التخرج في الجامعة.
فكرة واعدة
المشروع عبارة عن نظام مُتكامل لإدارة عملية جمع النفايات، ويتكون النظام من حاوية نفايات ذات قسمين: قسم للنفايات الجافة وقسم اخر للرطبة، وهذه الحاوية مزودة بالعديد من المُستشعرات والحساسات المُختلفة مثل مستشعر الحريق ومستشعر الرطوبة وغيرها من الحساسات اللازمة لتحديد نوع وكمية النفايات في كل قسم منها، وتم تزويد هذه الحاوية بالإنترنت من خلال شبكة الاتصالات الخلوية "3G".
وتعمل المُستشعرات بشكل مُستمر على فحص حالة الحاوية، ومن ثم يتلقى المُتحكم الدقيق البيانات من كافة المُستشعرات، وبدوره يقوم بإرسال هذه البيانات عبر الإنترنت إلى السحابة الإلكترونية (cloud). ويقوم المُتحكم أيضاً بناء على البيانات المرسلة من قبل حساس الرطوبة على تحديد نوع النفايات ومن ثم يتم تفريغها في المكان المناسب.
ويتم تحليل كافة البيانات باستخدام تقنية SAAS (software as a service)"" المزودة من شركة "IBM"، وأخيراً يتم إرسال نتائج تحليل البيانات إلى الجهة المسؤولة بحيث تقوم الأخيرة باتخاذ القرار المناسب ومن ثم إرسال التعليمات عبر تطبيق تم تصميمه بشكل مخصص ليقوم بتزويد مسؤولي النظافة بالمهام المطلوبة منهم والمناطق المتوجب عليهم التوجه لتفريغ حاوياتها. كما أنّ حاوية النفايات الواحدة تبقى على تواصل مع الحاويات الأخرى في المنطقة المحيطة وذلك لتزويد المواطن بأقرب مكان لإفراغ نفاياته في حالة كانت الحاوية ممتلئة.
تطوير عملية جمع النفايات
تكمن أهميّة النظام بأنّه يساعد بشكل أساسي على حل المشاكل الموجودة في الطريقة التقليدية لجمع النفايات المُتبعة من قبل البلديات ومسؤولي النظافة والتي تستهلك الكثير من الوقت والجهد لإتمام عملية الجمع من كافة أماكن تواجدها. كما أنّ النظام يساعد المواطنين على التخلص من النفايات بطريقة تضمن عدم تراكمها في حاوية واحدة على حساب الحاويات الأخرى. بالإضافة إلى ذلك يساهم النظام بشكل غير مباشر في تقليل التلوث البيئي.
وتم إنجاز النظام على مرحلتين بحيث كانت المرحلة الأولى قائمة على تصميم حاوية النفايات وتركيب وبرمجة القطع كاملة، ثم شملت المرحلة الثانية عملية برمجة تطبيق الهاتف وتحليل بيانات النظام وعرضها.
وهذا النظام ليس الأول من نوعه لكنه يحتوي على العديد من الإضافات والميّزات التي جعلته فريداً من نوعه بحيث أنّه لا يقتصر فقط على تسهيل عملية جمع النفايات وتوفير الوقت والجهد والتلوث البيئي فحسب، وإنما أيضاً يستخدم النظام تقنيات مُتطورة تعمل على تخزين كافة البيانات الخاصة بعملية الجمع مثل الوقت والمكان وكمية النفايات بالإضافة إلى البيانات الخاصة بحالة النظام ومن ثم يتم تحليل كافة هذه البيانات وعرض النتائج بطريقة واضحة ومفهومة تساعد الجهات المسؤولة على اتخاذ قرارات تساهم في تطوير عملية جمع النفايات.
آلية عمل المشروع
في البداية يقوم المواطن بوضع النفايات على المكان المثبت على الذراع المُتحركة بحيث تقوم بعد ذلك الحساسات بفحص مدى رطوبة النفايات، وترسل هذه القيم إلى المُتحكم الدقيق بعد ذلك يقوم المُتحكم بتحديد نوع النفايات بناء على القيم المعطاة ومن ثم يعطي أمراً بتحريك الموتور المربوط مع الذراع لتتحرك في الاتجاه المناسب لإفراغ النفايات إما إلى قسم النفايات الصلبة أو الجافة، وبعد إتمام عملية الإفراغ تعود الذراع لمكانها. تعمل الحساسات بشكل مُستمر على تزويد المُتحكم بالقيم التي تعبر عن حالة السلة من حيث كمية النفايات أو وجود حريق ويقوم المُتحكم بدوره بإرسال هذه البيانات إلى السحابة الإلكترونية ليتم تحليلها وإعطاء نتائج ذات معنى تعبر عن حالة حاوية النفايات وحالة النظام. تعطي الحاوية معلومات كافية لخدمة المواطن لمعرفة وضع الحاوية ومعرفة أقرب مكان في حالة كانت الحاوية ممتلئة وذلك عن طريق شاشة مثبته في أعلى الحاوية بالإضافة إلى ضوء أخضر أو أحمر يعبر عن كمية النفايات، كما أنه أيضا يحتوى على نظام إنذار يذكر المواطن بإغلاق السلة في حالة نسيان ذلك.
وأكّدت الطالبتان بأنّه من المُمكن جداً أن يتحول هذا المشروع إلى منتج تجاري يسهل عملية جمع النفايات، حيث أنّ النظام مُتكامل يعطي صورة واضحة عن حالة حاوية النفايات بطريقة تخدم الجهة المسؤولة والمواطن ومسؤولي النظافة.
التحديات والفرص
وأضافت الطالبتان بأنّ إحدى أبرز الصعوبات التي واجهتنا كانت ناجمة عن الإغلاق بسبب حالة الطوارئ المُعلنة لمواجهة الحالة الوبائية، ولكننا استطعنا التغلب عليها عن طريق نقل المشروع من الجامعة إلى المنزل والاستمرار في العمل واستغلال الوقت الذي كنا لا نستطيع الوصول فيه إلى بعض القطع اللازمة الموجودة في الجامعة، ببرمجة وتحليل البيانات أولاً بأول وحل بعض مشاكل النظام التي يمكن حلها.
وأكّدت الطالبتان بأنّ الكثير من القطع قد تلفت وكان لا بد من شراء قطع جديدة ليتم الاستمرار بالعمل في ظل الإغلاق، وكان هذا صعباً نوعاً ما ولكن تم حل هذا الأمر عن طريق التواصل مع أحد الزملاء الذي قام بتوفير هذه القطع وإيصالها إلى المنزل. وبالإضافة إلى ذلك أنّ إحدى القطع الأساسية المهمة لم تكن مُتوفرة وهي القطعة التي تزود النظام بالإنترنت، ولكن قمنا بالاستعاضة عنها بقطعة أخرى تلبي الغرض المرجو. وصرحت الطالبتان "بأنّ التقنيات التي تم استخدامها لتحليل البيانات لم يكن لدينا أي خبرة فيها وكانت تحتاج لجهد كبير لفهم آلية عملها وكيفية ربطها بالنظام الخاص بنا ولكن بحمد الله بعد بذل الجهد والوقت اللازم تم فهمها بشكل كامل والاستفادة واستغلال كافة ميّزات التقنيات للخروج بأفضل النتائج".
وأكّدت الطالبتان بأنّ الجامعة قد وفرت مكاناً نستطيع العمل فيه على المشروع وهو مختبر المشاريع المتواجد في كلية تكنولوجيات المعلومات وهندسة الحاسوب والمزود بكافة الأجهزة والأدوات التي تلزم لفحص وتركيب القطع الالكترونية. وأيضاً الجامعة بكادرها التعليمي المُتميّز وفرت لنا النصيحة والإرشاد حيث كان للمشرفة د. أمل دويك دور كبير في إنجازه، وكان لمشرف مختبرات كلية تكنولوجيا المعلومات وهندسة الحاسوب المهندس وائل التكروري دور بمثابة المساعد التقني. هذا بالإضافة إلى مساعدة زملائنا الخريجين وأيضا تدخل الأهل في بعض الصعوبات التي نجمت عن الإغلاق بسبب الحالة الوبائية.
وأخيراً إنّ تطوير النظام بشكل كامل يتم الاعتماد عليه في البلديات والمستشفيات والجامعات في عملية جمع النفايات وتحليل بيانات النظام وتزويد هذه الجهات بتقارير دورية عن حالة النظام بحيث تساعد نتائج تحليل هذه البيانات على تطوير عملية إدارة النفايات بشكل مستمر.